استعرض إكسبو 2020 دبي، أمس، دور الإسلام في التشجيع على تبني مفهوم الاستدامة والتنوع وتمكين المرأة عبر قرون، من خلال الاستماع إلى مداخلات ملهمة حول العلاقة المهمة بين الإسلام ومفاهيم صارت اليوم من الأهداف الرئيسية في أجندة الأمم المتحدة 2030.
ولم يكن هناك مكان أكثر ملاءمة من جناح المرأة الأيقوني في موقع إكسبو لاستضافة المتحدثين الساعين لتسليط الضوء على دور المرأة في هذه المنطقة الحيوية من العالم في بناء مجتمعات مستدامة قائمة على المساواة.
وقد انطلقت الندوة ببيان افتتاحي من معالي عمر غباش مساعد وزير الخارجية الإماراتي للدبلوماسية الثقافية. وقال إنه في حين أن الإسلام في جوهره يحتوي على المبادئ التوجيهية اللازمة – في التمويل أو تغير المناخ أو الجنس أو المساواة الاجتماعية – للمساعدة في بناء مجتمعات مستدامة، فإن على المسلمين اليوم واجب الاستمرار في تعزيز الإسلام كدين قائم على الحقوق، والبحث عن المساواة والعدالة ضمن التقاليد القانونية الإسلامية، بدلا من الالتزام بهذه الأفكار كمفاهيم. ويصبح هذا الأمر مهما بشكل خاص كطريقة للمضي قدما لبناء مجتمعات سلمية وشاملة للجميع، بدلا من الاستناد إلى أمجاد الماضي التي كان الإسلام يوفر فيها مستقبلا متنوراً، وبنى أكثر الهياكل المجتمعية تقدمية في عصره.
وقال سعادة عمر سيف غباش، مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون الثقافية، إنه يشعر بالمهابة وهو يتحدث في جناح مخصص للمرأة وقضاياها في أول إكسبو يقام في العالم العربي.
وأضاف: “الاستدامة في حد ذاتها ممارسة اجتماعية. أحد الأشياء التي أدركتها أن علينا دورا كبيرا لنقوم به. أعتقد أن المهم دائما هو الدور الذي يقوم به المجتمع، مثلما هو الحال هنا في دولة الإمارات، لتحمل المسؤولية”.
وقد رددت هذا المنظور هدى جواد، المديرة المشاركة في “مساواة”، التي تعالج مسألة المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من خلال تعزيز أدوار المرأة في إنتاج المعرفة الدينية وتفريغ قضايا حقوق المرأة والمساواة من داخل التقاليد القانونية الإسلامية.
ورأت الكاتبة الإماراتية جميلة المهيري في مداخلتها الرئيسة أن الإسلام يتفق تماما مع المبادئ الأساسية في أجندة الأمم المتحدة 2030، إذ رأت فيه دينا “يحض على حسن استخدام الموارد والحفاظ عليها، ويدعو للحفاظ على البيئة والنظافة”.
وقالت: “كل ما نريد تحقيقه تحت هذه الأهداف وهذه الأجندة يتسق تماما مع مبادئنا الإسلامية. التنمية المستدامة بدورها ليست غريبة على الإسلام، فالدين الإسلامي منذ قرون يتبنى سواء في الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية أن كل ما على الأرض خلق لصالح البشر ويدعو للحفاظ عليه، ويطالب البشر بحماية البيئة ومواردها”.
وأضافت، وقد بدت متفقة مع سعادة عمر سيف غباش: “الأمر كله يتعلق بممارسة البشر لهذه المبادئ المهمة”. وسلطت المهيري الضوء على ما يقدمه الإسلام في مجال المساواة بين الجنسين وضمان حقوق المرأة.
وقالت: “بالنسبة لي، الإسلام دين يحض على المساواة وهو أمر يعبر عنه القرآن بوضوح من خلال التساوي في الثواب والعقاب. البشر مختلفون بيولوجيا لكنهم سواء أخلاقيا لأنهم خلقوا بنفس الطريقة”.
واختارت الدكتورة جميلة محمود، مؤسس منظمة ميرسي أو الرحمة في ماليزيا، أن تضرب المثل بامرأة مسلمة لعبت دورا مهما في العصور الأولى. وقالت في مداخلة عبر الفيديو من كوالالمبور: “المهم في الإسلام دائما هو الفعل.. دعوني أذكركم بامرأة مسلمة لعبت دورا بالغ الأهمية في الإسلام وهي رفيدة.. التي لعبت دورا مهما إلى جانب الرسول عليه الصلاة والسلام في أرض المعركة وقامت بتدريب الممرضات وبينهن أم المؤمنين السيدة عائشة. وشاركت أيضا في غزوة الخندق”.
وأضافت: “بلا شك.. فإن كل المبادئ الإنسانية التي نتحدث عنها وبينها المساواة والإنسانية متفقة تماما مع المبادئ الإسلامية.. ويمكن أن نقول بقلب مطمئن ألا شيء في العقيدة تأمرنا بعكس ذلك.. بل إن عقيدتنا تأمرنا بأن نتصرف بشكل حسن والقرآن أكد على عشرة مبادئ حتى في الحرب بينها منع قطع الشجر والنهي عن قتل النساء”.
وشددت المتحدثة من ماليزيا على الأهمية الكبيرة لوجود النساء في مواقع قيادية اليوم، في ظل الحاجة إلى “الحس المرهف والقدرة على العمل”. واختتمت مداخلتها قائلة: “لا يمكن أن نسمح بانتقاد ديننا أو اعتباره غير ملائم بسبب تصرفات وسلوكيات يقوم بها المسلمون اليوم.. أو لعلّي أقول عدم قيام المسلمين بما عليهم من تصرفات وسلوكيات”.