دبي، 13 يناير 2022 – خلصت الجلسة النقاشية ضمن فعاليات أسبوع السفر والاتصال في إكسبو 2020 دبي بعنوان “عصر الابتكارات الثورية: كيف تصقل الابتكارات التقنية واقعنا الجديد”، يوم أمس الأربعاء، إلى أن كامل إمكانات تكنولوجيا الابتكار في تحسين نوعية الحياة خارج الحدود وتقليل الأثر البيئي لم تتحقق بعد.
وقد سلّط التبادل الملهم لوجهات النظر بين قادة العالم وخبراء التكنولوجيا الضوء على كيفية تأثير الابتكارات التقنية على المجتمع العالمي، من تحسين الخدمات الاجتماعية وفرص العمل إلى خفض انبعاثات الكربون. وشهدت الجلسة النقاشية، التي تعد جزءا من منتدى أعمال السفر والاتصال في إكسبو 2020 دبي في إطار برنامج الإنسان وكوكب الأرض، الإعلان عن شراكة جديدة بين “تحالف أفريقيا الذكية”، و”مجموعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إستونيا”، بدعم من وزارة الخارجية الإستونية، لتقديم تجربة جديدة في تسجيل بيانات قطاع القهوة من أجل تمكين المزارعين وتحقيق الدخل المادي من الزراعة المستدامة.
وساعد تبني فلسفة “القفزة الهائلة للأمام” إستونيا على القفز في التصنيف من بلد منخفض الدخل إلى بلد مرتفع الدخل في مدة تزيد قليلا على 30 عاما، لتصبح الدولة الوحيدة التي تحولت إلى الرقمنة الكاملة على الصعيد العالمي، حيث تدير قطاعها العام بأكمله عبر الإنترنت.
وتشمل قصص نجاحها الهوية الرقمية التي تُصدر في اليوم الذي يولد فيه الطفل، ثم تُطبق سياسة الخدمة الاستباقية من قبل الحكومة الإستونية. فبدلا من أن يتقدم المواطنون بطلب للحصول على خدمة أو واحدة من حقوق المواطنة، مثل التصويت أو الدعم الشامل للطفل عند الاستحقاق، تتوفر لهم هذه الخدمات تلقائيا بفضل الهوية الرقمية.
وقالت فخامة كيرستي كاليولايد، الرئيسة السابقة لإستونيا، في معرض وصفها لرحلة رقمنة دولتها: “أثناء عملية تطوير جمهورية إستونيا، أخبرنا الآخرون أنه يتعين علينا أن نفعل ما فعلوه أولا، ثم اللحاق بالركب. فأدركنا على الفور أنه إذا قمنا بتقليد الآخرين، فإننا لن نتمكن أبدا من اللحاق بهم. وبعد استكشاف آفاق المستقبل أدركنا أهمية التقنيات الرقمية، وها نحن ذا، بعد 30 عاما فقط، تضاعف الحد الأدنى للأجور في إستونيا حوالي 70 ضعفا وتضاعفت الأجور المتوسطة 30 ضعفا”.
ويشكل عدد الشباب في أفريقيا، التي تضم ستة من أصل عشرة من الاقتصادات الأسرع نموا في العالم، نسبة 42 في المائة من شباب العالم بحلول عام 2030، ما يتيح فرصا عديدة لسكانها. وعلى غرار إستونيا، وبرؤية مستقبلية كبرى، يتطلع لاسينا كوني، المدير العام والرئيس التنفيذي لتحالف أفريقيا الذكية، لتحويل قارة أفريقيا إلى سوق رقمية موحدة بحلول عام 2030.
وقال: “الآن، وأكثر من أي وقت مضى، فإن تسخير المكاسب الديمغرافية وتوسيع الفرص المتاحة للشباب، لصالح أفريقيا كلها، سيتطلب تنسيق الجهود. حيث يمثل قطاع الشباب في أفريقيا قوة كبرى لدفع النمو الاقتصادي والابتكارات، في حين تواجه مناطق العالم الأخرى ازدياد نسبة الشيخوخة بين سكانها. من المتوقع أنه إذا وُظف قطاع الشباب بشكل صحيح، فإن هؤلاء الشباب لديهم القدرة على إنتاج ما يصل إلى 500 مليار دولار سنويا خلال السنوات الثلاثين المقبلة، أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي”.
وأبرز خليفة الشامسي، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والحوكمة المؤسسية في مجموعة “اتصالات” وشريك الاتصالات الرسمي لإكسبو 2020 بأن التعاون هو عماد الخطط الموضوعة نحو مستقبل أكثر ازدهارا، موضحا: “عندما يتعلق الأمر بالموهبة ووظائف بعينها، فإنك وقتئذ لا تتقيد بالأشخاص الذين يقيمون في البلد ذاتها، بل يمكنك الاستفادة من المواهب المتاحة من جميع أنحاء العالم. وبالمثل لا يمكن للأطفال الانضمام إلى مدرستهم فحسب، بل إلى منتدى عالمي. وسيؤدي ذلك إلى تسريع وتيرة التعلم وبناء القدرات، ويكون جميع البلدان والأسواق على قدم المساواة لتسريع رؤيتها. وسيدعم ذلك دورة تطوير الحلول لكل سوق. وبالنظر إلى موضوع إكسبو (تواصل العقول وصنع المستقبل)، فهذا بالضبط ما سيسرع وتيرة النمو”
وأكَّد المتحدثون أنه عندما تتمكن الآلات من قضاء معظم المهام الآلية وتنفيذها ضمن مستقبل الأعمال، يكون حينها دور التفكير البشري والإبداع أكثر قيمة. إن قدرة التقنية على السماح للبشر بالتركيز على جهود أخرى ليست مفهوما جديدا، إذ شهد العالم العصر الذي مكنت فيه الأجهزة المنزلية، على غرار، المكنسة الكهربائية والغسالة، النساء من استكشاف مساعيهن الأكاديمية والمهنية.
فيما قالت جيسيكا صن، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة ترمينوس، شريك الروبوتات الرسمي لإكسبو 2020: “إذا أمكننا تحرير النساء من القيام بأعمالهن المنزلية في القرن العشرين، يمكن حينئذ للروبوتات في نهاية المطاف صرف البشرية من العمل المتكرر إلى التركيز على مهام أكثر إبداعا وقيمة في القرن الحادي والعشرين”.
وأوضحت صن أيضا كيف يمكن للروبوتات الحد من الأثر البيئي، مستشهدة بمثال روبوتات توصيل الطعام عديمة الانبعاث التي طورتها مجموعة ترمينوس مع “طلبات”، مزود توصيل الطعام الرسمي لإكسبو، مضيفة قطعت “طلبات” مسافة تزيد على 5700 كم لتوصيل الطعام إلى موقع إكسبو 2020 خلال الأشهر الثلاثة الأولى من إقامة الحدث، متجنبة بذلك ما يزيد على 600 كغم من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي كان من الممكن أن ينبعث حال استخدم مركبات توصيل تقليدية بدلا منها.
لا تملك شركة نيسان، الشريك الرسمي لقطاع السيارات لإكسبو 2020 دبي أي شيء سوى خططا تقليدية للمستقبل. وتهدف نيسان، شأنها في ذلك شأن دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أن تكون أكثر اعتدالا بخصوص ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050، وهو طموح ستدعمه EV36Zero، مركز المركبات الكهربائية الذي ستعمل بالطاقة المتجددة.
وقال ماركو فيورافانتي، نائب الرئيس، تخطيط المنتجات، نيسان أوتوموتيف، أوروبا: “ربما تكون قد وعيت بأن قطاع السيارات مدفوع بالكامل ميكانيكيا وتحفظيا. لكن هذا ليس هو واقع الحال. إذ تبرهن تلك السيارات المسيرة بالكهرباء والمشتركة وذاتية التحكم على أننا أكثر ذكاء وأمانا ونظافة واستدامة. ومع الأخذ بعين الاعتبار وضع الاضطراب، فلك أن تتخيل مقدار الوقت التي نقضيه داخل السيارة. تتيح لنا التقنية القيام بالأشياء بشكل أفضل في فترة وجيزة. ولن نحصل على متعة القيادة، لكننا سنعيد القيام هذ هذه المرة بأنشطة أخرى، لا سيما بالنسبة لظروف القيادة غير المثيرة مثل التنقلات اليومية الطويلة”.
وأكدت هايدي سولبا، رئيس غلوبال نتورك، “ليتس دو إت وورلد” إن الاستخدام الرشيد لسبل التقنية الجديدة يعد أمرا بالغ الأهمية، مبرزة “أنه يجري إنتاج 900 مليون طن من النفايات الرقمية كل عام، منها البيانات والمستندات والوسائط التي تتطلب تخزين البيانات.
ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، أطلق جناح إستونيا تحدي التنظيف الرقمي لإكسبو 2020 دبي مشجعا الزوار على “الحفاظ على الأفضل والتخلص من البقية” بالنسبة للصور، ومقاطع الفيديو التي التُقِطت في إكسبو 2020 بهدف تقليص البصمة الكربونية.